تلعب المضادات الحيوية دوراً مهماً في علاج العديد من الأمراض، وهي سلاح ذو حدين، فإن استخدمت الاستخدام الأمثل باتباع إرشادات الطبيب وتوجيهات الصيدلي كان لها أثر إيجابي وفعال، وإن استخدمت بطريقة عشوائية وأسيء استعمالها فإنها تؤدي إلى أضرار بالغة قد تودي بحياة المريض. وهناك اعتقاد شائع بأن المضادات الحيوية يمكنها شفاء أي التهاب، لذا تجد كثيراً من المرضى يلحون على الطبيب أو الصيدلي في صرف مضاد حيوي لعلاج علتهم ومن ثم يوصف المضاد الحيوي إرضاء لهم بدلاً من نصحهم وتوعيتهم بالأخطار التي قد تنجم عن تعاطيه، أو عدم جدواه كأن تكون معاناتهم من التهاب فيروسي، لا تؤثر فيه المضادات كالرشح والإنفلونزا.
من هذا المنطلق نبين أهمية المضادات الحيوية وأشكالها المختلفة والأخطار التي تنتج من كثرة استعمالها وما يجب علينا عند استخدامنا لهذه الأدوية.
البكتيريا والفيروس
يوجد في الجسم جهاز مناعي لمحاربة الأجسام الغريبة ومنها البكتيريا، وفي حالة عدم قدرة الجهاز المناعي على كسب المعركة تقوم المضادات الحيوية بمساعدة الجسم بالقضاء على هذا العدو الخارجي دون المساس بخلايا الجسم.
والفيروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، ولكن يمكن القضاء على بعض أنواعها باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات وذلك في نطاق ضيق جداً وتحت إشراف طبيب متخصص نظراً لآثارها الجانبية الخطيرة على الجسم. أما معظم الالتهابات الناتجة من الفيروسات مثل الزكام والإنفلونزا والتهاب الحلق والقيء والإسهال وغيرها فللجسم القدرة على التخلص منها في غضون أيام عن طريق نظام المناعة. وبعض الفيروسات لها تطعيم وقائي.
تحصل العدوى من الكائن الحي الذي له القدرة على إيذاء الإنسان عن طريق وصوله إلى مكان مناسب في الجسم يتكاثر فيه وينمو، وينتج عنه مواد سامة تؤثر على جسم الإنسان، وذلك عند ضعف قدرة الجسم على التغلب على العدوى، وتظهر هذه التأثيرات في شكل أعراض مرضية تختلف حسب نوع الجرثوم المسبب للمرض.
والطبيب المختص هو الذي يملك القدرة على معرفة نوع البكتيريا المسببة للمرض وذلك عن طريق أعراض المرض الظاهرة على المريض (الطريق السريرية) أو من خلال أخذ عينة من الجزء المصاب ومن الدم أو من البول وزراعتها لمعرفة نوع البكتيريا المسببة لهذا المرض (الطرق المخبرية) وبناء على تشخيص المرض يتم صرف الدواء المناسب.
وفي بعض أنواع البكتيريا التي اكتسبت مناعة ضد مضاد حيوي معين لكثرة استعماله يجرى فحص المناعة ومدى فاعلية المضاد الحيوي ضد هذه البكتيريا، ولهذا الغرض تزرع البكتيريا المأخوذة من المريض في مزرعة خاصة بها أقراص مختلفة الألوان وكل منها مشرب بنوع معين من المضادات وبعد ترك المزرعة لمدة معينة نلاحظ وجود هالة شفافة خالية من البكتيريا حول كل قرص، والمضاد الحيوي الأكثر تأثيراً على البكتيريا هو الذي تتكون حوله الهالة الشفافة الأكثر اتساعاً.
ونتائج مثل هذه الفحوصات قد تستغرق وقتاً طويلاً، لذا لا ينتظر الطبيب كل ذلك الوقت بل يتم إعطاء المريض المضاد الذي يتوقع الطبيب أنه سيكون فعالاً ومناسباً لحالته ريثما يعرف نتيجة المزرعة التي تحدد نوع البكتيريا.
أنواع المضادات يوجد في العصر الحالي أكثر من مائتي نوع من المضادات الحيوية، ولكل نوع منها أسماء متعددة تختلف باختلاف الشركة المصنعة للدواء ويتم تصنيعها على شكل أقراص أو كبسولات أو حقن وبعضها على هيئة مساحيق أو مراهم جلدية أو كريمات أو نقط للعين أو للأذن إلى غير ذلك من الأشكال. وتختلف أنواع المضادات الحيوية باختلاف مدى تأثيرها على البكتيريا، فمن الأدوية ما يكون فعالاً بشكل رئيس على البكتيريا إيجابية الجرام، ومنها ما يكون فعالاً ضد البكتيريا سالبة الجرام، والبعض الآخر فعال ضد النوعين. ومنها ما يقتل البكتيريا ومنها ما يمنع نموها.
الآثار الجانبية
معظم الأدوية التي يتعاطاها المريض تسبب آثاراً جانبية غير مرغوبة، بعضها يكون أعراضاً خفيفة لا تشكل خطراً على المريض وبعضها قد يهدد حياته. والمضادات الحيوية شأنها شأن باقي الأدوية قد ينجم عن استعمالها آثار جانبية قد تكون خفيفة وقد تكون شديدة وذلك لأسباب متعددة، منها ما يحدث بسبب طبيعة جسم الإنسان، أو بسبب خصائص الدواء، أو بسبب زيادة الجرعة الدوائية الموصوفة، أو أحياناً عند استخدام دواء آخر أو مع تناول أغذية معينة أو بسبب عدم التشخيص السليم أو غيرها من الأسباب.
قد تتسبب بعض أنواع المضادات الحيوية- خصوصاً واسعة المدى- في قتل البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء، بسبب عدم اتباع الإرشادات الطبية واستخدام الدواء لفترة طويلة مما يسهل إصابة الأمعاء بهجمات بكتيرية ضارة تؤدي إلى عدوى جديدة يصعب علاجها، وكذلك بعض المضادات قد تؤثر على الرضيع من خلال لبن الأم.
المضادات والأدوية الأخرى
عند تناول المريض المضاد الحيوي مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي بذلك، لأن تناول المريض أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد فعالية أو تأثير أحد الأدوية على دواء آخر مؤدياً إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر وقد يؤدي استعمال أكثر من دواء إلى إنتاج مركب آخر له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.
حذر العلماء في الآونة الأخيرة من خطر ازدياد ظهور البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي، حيث أثبتت الدراسات ارتفاعاً كبيراً في نسبة ظهور هذا النوع من البكتيريا بين عامي 1995 998، فقد أظهرت دراسة علمية أن من بين الأشخاص الذين أصيبوا بنوع معين من البكتيريا يسمى ستربتوكوكس نومونيا كان هناك 9% في عام 1995م لديهم مقاومة لثلاثة أنواع مختلفة من المضادات الحيوية على الأقل ثم ارتفعوا إلى 14% عام 1998م.
وقد تكتسب البكتيريا مناعة ضد المضادات الحيوية نتيجة سوء الاستعمال، وذلك عند الاستهلاك المفرط للمضادات الحيوية أو حينما تعطى بجرعات غير مناسبة، أو تعطى بالقدر المطلوب على فترات غير منتظمة بين الجرعات، أو تعطى لمدة قصيرة غير كافية للعلاج.
ومن الأسباب كذلك الاستعمال غير الملائم للمضادات في حالات لا تحتاج إلى معالجة بل تشفى ذاتياً.
ومناعة البكتيريا ضد المضادات الحيوية قد تكون طبيعية، حيث تُخلق البكتيريا ولديها القدرة على مقاومة بعض أنواع المضادات الحيوية أو كلها. وقد تكتسب البكتيريا هذه المناعة بطرق مختلفة.
وبسبب مقاومة البكتيريا لمفعول المضادات الحيوية يعكف العلماء على تطوير أدوية جديدة قادرة على تخطي تلك المشاكل، ومن تلك البحوث ما توصل إليه مجموعة من العلماء من نوع جديد من الأدوية الذكية التي يمكن أن تكون بديلاً للمضادات الحيوية وتساعد على حل مقاومة البكتيريا للأدوية.
لا بد للمريض من إكمال المدة المحددة للعلاج، ولا ينبغي إيقاف تناول العلاج عند تحسن الحالة الصحية، لأن ذلك يؤدي إلى ظهور البكتيريا مرة أخرى وقد تكتسب مناعة من المضاد بحيث لا تتأثر به مستقبلاً مما يؤدي إلى صعوبة العلاج.
من الأفضل للمريض الذي يعالج بالمضاد الحيوي ألا يتعرض جلده لأشعة الشمس، وذلك لأن بعض المضادات الحيوية تجعل الجسم حساساً جداً للأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس مما يؤدي لإصابته بأضرار.
عند إحساس المريض بآثار جانبية غير معتادة بعد أخذ المضاد يجب إخبار الطبيب أو الصيدلي فوراً، وعدم إهمالها لأن بعض الآثار قد تكون خطيرة على صحة المريض. على المريض التأكد من تاريخ الصلاحية للمضاد الحيوي فتناول المضاد بعد انتهاء تاريخ الصلاحية له خطورة بالغة على صحة المريض. من الضروري للحامل أو المرضع عند صرف المضاد الحيوي إخبار الطبيبة أو الصيدلية عن ذلك حتى لا تعرض جنينها أو طفلها للأذى.
عند صرف المضاد على شكل كبسولات فيجب بلعها كاملة وعدم فتح محتوياتها أو مضغها لأن هذا يؤثر على امتصاص الدواء وعلى فعاليته.
أغلب المضادات الحيوية الموصوفة للأطفال تكون على هيئة شراب أو مسحوق يضاف إليه الماء ليصبح جاهزاً للشرب، مثل هذه الأدوية يجب حفظها في الثلاجة مع ملاحظة أن مدة صلاحيتها لا تتعدى الأسبوعين
المضاد الحيوي عبارة عن مركب كيميائي ضد الحياة له القدرة على قتل البكتيريا أو كبح أنواع الفطريات والبكتيريا الأخرى أثناء نموها، ويمكن تحضيرها حاليا ًتحضيراً صناعياً كيميائيا.ً
عبارة عن عقاقير لها خاصية إيقاف بعض الفطريات أو البكتيريا وشلها أو قتلها, والغريب أنها تستخرج من إفرازات بعض الفطريات والبكتيريا الأخرى أثناء نموها, ويمكن تحضيرها حاليا ًتحضيراً صناعياً كيميائيا.ً ويعتبر البنسللين أول مضاد حيوي تم اكتشافه بواسطة الكسندر فلمنج الذي لاحظ أن مزرعة الجراثيم التي يجري عليها تجاربه قد توقفت عندما تلوثت بفطر البنسيليوم , فاستخرجه وتم إنقاذ الملايين بواسطته.والمضادات الحيوية فعالة ضد الالتهابات سواء كانت بكتيرية أو فطرية , وليس لها تأثير على الالتهابات الفيروسية . وهذه الالتهابات سواء كانت البكتيرية أو الفطرية أو الفيروسية , تصيب أجزاء مختلفة من الجسم سواء كان الجهاز التنفسي أو الجهاز البولي أو الدموي أو الجهاز الهضمي وكذلك الجروح المفتوحة، الأمر الذي يجعلها تتسلل إلى الدم فتصيبه بما يسمى تسمم الدم , وتعطى المضادات الحيوية إذا ثبت عبر التحاليل المختبرية أن مسببها بكتيري أو فطري وليس فيروسياً، كالحصبة مثلاً .ويجب الملاحظة أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية يولد سلالات مقاومة ومتطورة من البكتيريا يصعب علاجها , ناهيك بالآثار الجانبية غير المستحبة التي تظهر في بعض الأحيان، مثل•التهيج الذي يصيب الجهاز الهضمي مما يسبب غثياناً معدياً أو إسهالاً نتيجة نقص قدرة الأمعاء على امتصاص بعض المواد الغذائية• الحساسية التي تصيب بعض الأشخاص وتكون إما خفيفة أو متوسطة وقد تصل إلى درجة الخطورة وتؤدي للموت• مرضى السل الذين يداومون على المضاد الحيوي لفترة طويلة يتحتم عليهم أخذ فيتامين (ب) وهو الفيتامين الذي تصنعه البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء والتي تتأثر من تعاطي هذه المضادات الحيوية، ومن ثم يفقد الجسم حاجته من الفيتامين .
اكتشاف المضادات الحيوية:
كان العالم الكيميائي باول اهرليش" أول من لاحظ أن بعض الصبغات، مثل أزرق المثيلين، لها القدرة على قتل وتلوين بعض أنواع البكتيرياعن طريق تكوين بعض المواد الكيميائية التي تتحد مع خلايا البكترياويعتبر البنسللين أول مضاد حيوي تم اكتشافه بواسطة العالم الكسندر فلمنج الذي لاحظ أن مزرعة الجراثيم التي يجري عليها تجاربه قد توقفت عندما تلوثت بفطر البنسيليوم، فاستنتج أن هذا الفطر يفرز مادة تبيد الجراثيم ومن ثم استطاع فصل تلك المادة وأطلق عليها اسم البنسلين إلا أن فلمنج لم يكن كيميائيا فلم يستطع استخلاص البنسلين بشكل نقي ولم تستفد البشرية من البنسلين إلا عام 1940حيثما تمكن الدكتور فلوري وزميلة شن بعد تجارب عديدة من استخلاص البنسلين نقيا وتم تجربته على حيوانات التجارب لاختبار مفعوله أما أول اختبار على الإنسان فكان عا941 حينما حقن به شرطي كان مصابا بالتهاب وفي حالة احتضار، فتحسنت حالته بعدها أخذت صناعة البنسلين تنتشر على نطاق واسع وتم إنقاذ حياة آلاف الجرحى بواسطته خلال الحرب العالمية الثانية. وبعد ذلك بدأت المضادات الحيوية الأخرى بالظهور .