bsam::
يتم إجراء العديد من الفحوصات و التحاليل المخبرية التي تستهدف الكشف عن مدى وجود الخلايا السرطانية، و من ثم تصنيف حالة المرض عقب تشخيص الأورام، سواء بغرض تحديد تصنيف درجة الورم ضمن فئته ( Grading )، أو تصنيف مرحلته
( Staging )، بتحديد كمّ النسيج السرطاني الموجود بالجسم، و موضعه و مدى انتقاله من موضع نشأته إلى مواضع و أعضاء أخرى، كي يتسنى ترتيب الخطط العلاجية الملائمة و بالسرعة الممكنة، كما يتم استخدام هذه التحاليل دوريا أثناء مراحل المعالجات.
و ثمة مجموعة واسعة من هذه التحاليل و الفحوصات و الاختبارات، و التي يتم إجراؤها تبعا لنوع الورم المشخص، تبدأ بتحاليل الدم المختلفة و كيميائيات الجسم، و التقاط الصور البدنية بطرقها المتعددة، مرورا بعمليات إجراء الخزع الجراحي ( biopsy ) بهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم جراحيا، ليتم فحصها تحت المجهر بغية تحديد نوعه و خواصه الحيوية و تمظهـر أنسجته، و إنتهاءا بتحاليل المورثات الخلوية و تعداد صبغيات الخلايا و الكيمياء الحيوية.
و يتم بطبيعة الحال إجراء العديد من هذه الفحوصات و التحاليل بشكل دوري أثناء تلقي المعالجات و عقب انتهائها، لمـراقبة تطورات المرض، و لتقصي و مراقبة مسـار المعالجات المستخدمة، و سلـوك الأورام تجاهها و مدى نجاعتـها و آثارها الجانبية، و مراقبة التطورات بالوضع إجمالا، إضافة إلى التأثيرات المحتملة على فعالية الأعضاء الحيوية بالجسم.
و تجدر الإشارة إلى أن بعض هذه الفحوصات مؤلمة، و يتم استخدام طرق التخدير المختلفة و معالجة الألم قبل المباشرة بإجرائها، غير أنه يظل من المهم دوما إزالة مخاوف الطفل و طمأنته، و تكمن أفضل الوسائل لتحقيق ذلك بتعليمه و إعطائه المعلومات الكافية حول الفحص المزمع إجراؤه قبل موعده بوقت كاف، بُغية تحضيره نفسيا و إزالة مخاوفه، و من المفيد شرح كل خطوات الإجراء الطبي بالتفصيل و الاستعانة بالصور أو الرسومات، و زيارة غرفة العمليات و محادثة الأطباء، للاستئناس بالوضع إجمالا.
الفحـوصات التصـويرية
و تتم هذه الفحوصات بالتقاط صور بدنية داخلية مختلفة و بعدّة وسائل، بُغية تكوين صورة واضحة عن التغيرات بالأنسجة داخل الجسم و مدى وجود الأورام، و مواضعها إن وجدت و مدى انتشارها، و بصفة عامة لا تُعد مثل هذه الاختبارات مؤلمة للطفل، غير أن بعض الآلات قد تخيفه بشكل أو بآخر، مثل جهاز المرنان المغناطيسي الذي يُصدر أصواتاً عالية.
التخطيط الوعـائي ( Angiography )
يتم هذا النوع من التصوير باستخدام الأشعة السينية لالتقاط صور إشعاعية مختلفة للأوعية و الشعيرات الدموية و إظهار تغيراتها أو أية تغيرات بالأعضاء الحيوية القريبة، فمثلا قد يشير وجود انسداد بالأوعية أو تغير بموقعها إلى وجود ورم ما، و يُستخدم هذا النوع بصفة خاصة عند حالات أورام الكلى،
حيث يمكن بواسطته تحديد الأوعية الدموية التي تغذي نسيج الورم مما يساعد الجراح على التخطيط للعملية الجراحية، و يتم إجراء هذا التصوير عقب حقن نوع معين من الصبغات بأحد الشرايين لتسري عبر الدورة الدموية، الأمر الذي يظهر الأوعية الدموية بشكل واضح بصورة الأشعة السينية، التي يتم التقاطها بزوايا مختلفة و لعدة مرات.
التخطيط بالموجات فوق الصوتية ( Ultrasonography )
يتم استخدام الموجات الصوتية في هذا النوع من التصوير، و ذلك لتكوين صور مختلفة للأعضاء الداخلية بالجسم، حيث عند انبعاث الموجات الصوتية و اصطدامها بأنسجة و أعضاء الجسم، ترتد مكونة صدى محدد يقوم حاسوب بترتيب أنساقه ليكوّن صورة واضحة للعضو أو النسيج، و يختلف عادة الارتداد الناتج عن الأنسجة الورمية بشكل واضح عن مثيله بالأنسجة السليمة،
مما يمكّن من تمييز الأورام، و تنبعث الموجات فوق الصوتية من أداة شبيهة بالعدسة تعمل كمحول للطاقة، و يقوم الطبيب بوضع مرهم خاص موصل للطاقة على الجلد بالموضع المراد تصويره، و من ثم يقوم بتحريك محول الطاقة في عدة اتجاهات، للحصول على صور مختلفة تظهر بوضوح علي شاشة الحاسوب، و مثل هذه العملية غير مؤلمة للطفل بطبيعة الحال.
التخطيط الشعـاعي الطبقي ( CT scan - computerized tomography scan )
يتم في هذا النوع من التخطيط إلتقاط صور محورية ثلاثية الأبعاد لأعضاء و أنسجة الجسم، و ذلك بتوجيه حزمة من الأشعة السينية حول الجسم، و يقوم حاسوب بتركيب الصور لتظهر بشكل واضح و تعطي تفاصيل دقيقة حول نوع الورم و حجمه و موضعه، و في اغلب الأحوال يتم الحقن الوريدي لنوع معين من الصبغات،
يتميز بظهوره واضحاً تحت الأشعة السينية، قبل المباشرة بإجراء التخطيط، و قد تستغرق عملية التصوير من 30 إلى 90 دقيقة، حيث يستلقي الطفـل بشكل ثابت و تقوم آلـة التخطيط بالمرور جيئة و ذهابا حول الجسم لالتقاط الصور المختلفة، و يُعد هذا التصوير أحد أهم أنواع التخطيط عند حالات الأورام التي تنشأ بالمواضع الدقيقة و الحساسة، مثل الكلى، كما انه مفيد في تقصى مدى انتقال الخلايا الورمية من مواضع نشوئها إلى مواضع أخرى ،
و يُعد التخطيط اللولبي ( helical scanning ) الذي يعمل بسرعة كبيرة، من أهم التطورات الحديثة، حيث يتم التصوير بسرعة فائقة أثناء حقن الصبغة مما يظهرها واضحة عند مرورها بالأوعية الدموية، و هذه التقنية مفيدة جدا لدى أورام الكِلى على وجه الخصوص، حيث يظهر تدفق الدم بالكِلية بشكل واضح يسمح بالكشف عن الأورام الضئيلة جدا.
التصوير بالرنين المغـناطيسي ( MRI magnetic resonance imaging )
يقدم تخطيط الرنين المغناطيسي ميزة تصوير مواضع بالجسم يتعذر تصويرها باستخدام أنواع التخطيط الأخرى، و هنا يتم استخدام موجات الراديو المدمجة بمجال مغناطيسي مقـوى بدلا من الأشعة السينية، حيث تمتص أنسجة الجسم الطاقة من موجات الراديو، ثم تطلقها بنسق يتفاوت تبعا لنوع النسيج أو العضو و حسب نوع المرض،
و يقوم حاسوب بترجمة شكل الطاقة الراجعة من الأنسجة إلى صور مفصّلة عن أعضاء الجسم، و يقدم هذا النوع من التخطيط صورا أكثر تفصيلا من مثيلتها بالتخطيط الشعاعي الطبقي أو الموجات فوق الصوتية، فمثلا يمكن استظهار صور من داخل العظام تُمكّن من تحديد مواضع الأورام الصغيرة قرب هذه العظام، أو يمكن بواسطته تحديد مدى انتشار الورم إلى الأوعية الدموية الرئيسية المجاورة للكلية عند حالات أورام الكلى، و في بعض الأحيان يتم حقن صبغة خاصة قبل المباشرة بإجراء هذا النوع من التصوير، لاستخلاص صور أكثر دقة و تفصيلا.
و من جهة أخرى قد يبدو جهاز المرنان المغناطيسي مقلقا بالنسبة للأطفال بصفة خاصة، حيث يستلقي الطفل بشكل ثابت على سرير و يتم إدخاله إلى ما يشبه الغرفة الدائرية بطول الجسم، و أثناء عمل المرنان، الذي قد يستمر لفترة تتراوح بين 15 إلى 90 دقيقة، يسمع الطفل ضجيجا مرتفعا و أصواتًا تشبه النبض المنتظم، مما قد يثير خوفه، و يتطلب طمأنته.
التصوير بالأشعـة السينية
يتم غالبا التقاط أشعات سينية للصدر و التجويف البطني عند التقييم الأوليّ للحالة، و تُعد الأشعات العادية مفيدة في تحديد أورام العظام و الرئة أو الأورام المتوسعة بالأنسجة الرخوة، غير أنها لا تقدم الصورة التشريحية الواضحة التي تساعد في التخطيط للمعالجة، و هي مفيدة لدى أورام العظام على وجه الخصوص، حيث تظهر معظم هذه الأورام بشكل واضح بصور الأشعات، فقد يظهر العظم عند موضع الورم هشاً أكثر منه صلبا، و قد يظهر الورم على هيئة ثقب بالعظم،
أو تظهر كتلة متضخمة حول الموضع المصاب يمكن أن تبدو ممتدة إلى الأنسجة المتاخمة مثل العضلات، و في أغلب الأحوال يتمكن طبيب الأشعة من تحديد ما إن كان الورم سرطانيا من مجرد مظهره بصورة الأشعة، و من جهة أخرى من المعتاد التقاط أشعات سينية لتقصي مدى انتقال الخلايا الورمية إلى منطقة الصدر أو الغدد الليمفاوية أو الرئة، كما يتم إجراء أشعات لمنطقة الصدر و للعظام بشكل دوري عند حالات اللوكيميا لتقييم الحالة، حيث قد توضح وجود أية كتلة أو تضخم بالصدر مثلاً، أو توضح أية تغيرات بالعظام.
تخطيط العـظام ( Bone scan )
عند إجراء تخطيط للعظام يتم الحقن الوريدي لكميات صغيرة من مركبات كيميائية خاصة منخفضة الإشعاع، تتجمع بدورها في المواضع المتضررة بسبب السرطان ( أو بأسباب أخرى مثل الكسور )، و تقوم كاميرات خاصة و كاشفة للإشعاع بإظهار هذه المواضع بوضوح تام، و هذه الطريقة إضافة إلى أنها تظهر الرواسب الصغيرة من النسيج السرطاني بالعظام، بإمكانها المساعدة في الكشف عن الأورام الثانوية المنتقلة إلى العظام، و بطبيعة الحال تكون مستويات الإشعاع بالمركبات المستخدمة منخفضة و غير ضارة للجسم.
تخطيط النظائر المشعـة ( Radioisotope scanning )
يتم استخدام هذا النوع من التصوير الطبقي المحوري بُغية فحص الأعضاء الحيـوية، و خصوصا الدمـاغ و الكبد و الكِـلى و العظام، و يتم عنده توظيف الخاصّية الإشعاعية لبعض المواد المشعة غير المضّرة، حيث يتم حقنها بالجسم أو ابتلاعها، ثم يقوم جهاز مسح خاص بتحريّ مواضع تجمع هذه المواد، مما يسمح للطبيب بتحديد موضع الورم، و بالطبع لن يتكّون لدى الطفل أي نشاط إشعاعي خلال الفحص أو عقب انتهائه.
التخطيط الشعـاعي الطبقي بدفق الكهيربات الموجبة ( Positron emission tomography (PET) scan )
و يُستخدم هذا التصوير عادة لفحص أورام الدماغ، و ذلك بحقن جرعة منخفضة الإشعاع من مادة حيوية مثل سكر الجلوكوز، و يبين التخطيط معدل استهلاك الخلايا الورمية للسكر كمصدر للطاقة، و يقارنه بمعدل استهلاك الخلايا الدماغية الأخرى، و بصفة عامة، تستهلك الأورام الدماغية من الدرجات العليا معدلات عالية من السكر أكثر من الخلايا الدماغية السليمة ( فرط الأيض hyper-****************bolism )، بينما تستهلك الأورام من الدرجات الدنيا معدلات اقل ( نقص الأيض hypo-****************bolism )، كما يُستخدم هذا التخطيط لتقييم مدى استجابة الأورام للمعالجات المختلفة.