تعريف التنويم المغناطيسي:
هو الحالة التي يكون فيها الفرد في وضع يستجيب فيه للإيحاءات الملائمة من خلال حدوث تغيرات في إدراكه الحسي أو ذاكرته أو مزاجه.
والتنويم حالة تشبه النوم ولكنها تختلف عنه في قابلية المنوِّم للإيحاء، وتأثير المنوِّم (المعالج) على نفسه وجسده تأثيراً يتعدى الحدود الطبيعية حيث ينحصر انتباه المريض كلياً فيما يمليه عليه المنوِّم من خلال حديثه معه.
نبذة تاريخية عن التنويم المغناطيسي:
تعود بدايات العلاج بالتنويم إلى أبي الطب المصري القديم (أمحوتب) وذلك سنة 2850 قبل الميلاد، حيث كان يستخدم في مدرسته الطبية ومستشفاه بمدينة (منف) طريقة تشبه الإيحاء للوصول إلى المخزن السري – العقل الباطن- بأن يترك مرضاه ينامون سواءً كان نوماً طبيعياً أو في أعقاب تناول النباتات المخدرة، ثم يجعل الكهان يرددون على أسماع هؤلاء المرضى النائمين عبارات إيحائية لتتسلل إلى أحلامهم وتلعب دوراً إيحائياً في حفزهم على التعافي من أمراضهم التي يعانون منها.
وفي اليونان اشتهرت بعض المؤسسات المتصلة بمعبد اسكولاب (ESCULAP) إله الطب عندهم بمعالجة المرضى بواسطة الرقاد، وكان يتم ذلك بواسطة وضع المريض اصطناعياً بحالة نعاس كلي فيصبح شديد التأثر بالإيحاء مما يساعد على الشفاء.
وبعد تلك البدايات الواعدة لهذا العلم تسنّم شأنه وتولى زمام أمره – فيما بعد- الدجلة والمشعوذون، ولذلك فقد خلطوه بالسحر والخرافات، ثم عاد العلاج بالتنويم ليحتل مكانه عندما نشأت فكرة المغناطيسية البشرية على يد الطبيب السويسري باراسيلسوس ((Paracelsus (1493 – 1541م) الذي كان يؤمن بأن النجوم من خلال طبيعتها المغناطيسية تؤثر في البشر، ولقد استنتج من ذلك – حسب اعتقاده- أن أي مغناطيس يمكن أن يؤثر في الجسم البشري من خلال تلك الانبعاثات غير المرئية التي تصدر من المغناطيس.
وبعد ذلك بعدة عقود من الزمن أضاف فان هلمونت ((Van Helmount(1577 – 1644م) مفهوم المغناطيسية الحيوانية، والتي يرى بأنها تنبعث من الجسم البشري ذاته فتؤثر في أجسام وعقول الآخرين. ولقد أدى ذلك إلى انتشار المعالجين المغناطيسيين في أوروبا لفترة طويلة، والذين قد حقق بعضهم نجاحاً ملحوظاً في بعض الحالات التي عالجوها مما أدى بالتالي إلى انتشار تلك الطريقة العلاجية وإقبال الناس عليها بشكل كبير.
ورغم ما حققه بارسيلسوس و فان هلمونت إلا أن التاريخ الحديث للعلاج بالتنويم المغناطيسي ينسب البدايات الحقيقة لهذا العلاج إلى الطبيب النمساوي فرانز أنطون ميسمر (1734- 1815م) الذي كان يعمل في فرنسا، وكان متخصصاً في دارسة تأثير الأجرام السماوية على الحياة البشرية إلا أنه فيما بعد أصبح مهتماً بدراسة ظاهرة المغناطيسية. ولقد لاحظ ميسمر أن تعريض المريض للمغناطيس يؤدي إلى تخفيف شكواه بدرجة كبيرة، لكنه اكتشف فيما بعد أن المغناطيس لم يكون ضرورياً لحدوث ذلك الأثر العلاجي، فقد كان يكفيه أن يحدث ذات التأثير من خلال لمس المريض أو لمس الماء الذي يجلس فيه المريض بواسطة قضيب من الحديد. ومن ذلك فقد استنتج ميسمر بأن القوة لم تكون في المغناطيس وإنما في ذاته، مما أدى إلى قناعته بما يسمى (المغناطيسية الحيوانية) والتي يرى بأنها عبارة عن سائل غير مرئي يستطيع أن يختزنه في جسده وأن ينقله إلى الآخرين.
ورغم اكتشاف ميسمر أن القوة لم تكن في المغناطيس، وإنما في ذاته إلا أن المرضى كانوا مقتنعين أن القوة في المغناطيس ومع ذلك يتحقق الشفاء. وهذا يدل على أن قناعة المريض بنفع شيء ما رغم عدم نفعه حقيقة قد يؤدي إلى آثار إيجابية، ولذا فإن استشهاد بعض المعالجين بالقرآن بأن المريض ليس به علة من خلال إيهامه بالعلاج بالقرآن وهم يقرؤون عليه شعراً أو سواه، فيتماثل المريض للشفاء حقيقة هو استشهاد غير صحيح، ولك لأن قناعة المريض بأنه سينتفع من هذا العلاج الذي يظن أنه القرآن هي قوة شفائية بحد ذاتها بإذن الله.
وحينما ذاع صيت ميسمر واشتهر توافدت عليه أعداد كبيرة من الناس طلباً للشفاء، فاضطر إلى جلسات العلاج الجماعي حيث جعل وعاءً كبيراً و ملأه بالماء وبرادة الحديد وعدداً من القضبان الحديدية وأجلس مرضاه حول هذا الوعاء جاعلين تلك القضبان الحديدية على الأجزاء العليلة من اجسامهم، ويقوم هو بالمرور من حولهم ويلامسهم بيده ليمدهم بقوته المغناطيسية التي يعتقد بها.
ولعل لجوء ميسمر إلى العلاج الجماعي يذكرنا بفعل بعض المعالجين بالقرآن، حيث ما إن يشتهر بعضهم حتى يلجأ إلى علاج الناس في مجموعات (الرقية الجماعية) ربما طلباً للمزيد من حطام الدنيا رغم فتوى بعض علماء الشريعة الإسلامية بعدم مشروعية هذا اللون من العلاج بالقرآن.
ولم تكن جلسات ميسمر العلاجية في الحقيقة سوى مجموعة من الإيحاءات الضمنية التي تؤدي إلى استرخاء المريض وقناعته بقدرات المعالج بالمغناطيس وتوقعه لحدوث تغيرات مفاجئة. ولقد نسبت هذه الطريقة العلاجية إلى ميسمر وسميت باسمه (الميسمرية) (Mesmerism) حيث إن مصطلح التنويم المغناطيسي لم يكن معروفاً في ذلك الحين.
وقد كان يعتري مرضى ميسمر أثناء تلك الجلسات العلاجية حالات مماثلة لما يسميه العلماء المعاصرون بالأزمة النيمية (Hypnotic Crises) والتي كانت تسمى الأزمة الميسمرية، وهي تلك الحالات التي يتغير فيها وعي المرضى وتعتريهم نوبات من البكاء وربما الضحك، وقد يغيبون عن الوعي في بعض الأحيان، ولو أمعنّا النظر لوجدنا أن هذه الحالات لا تختلف كثيراً عن بعض ما يحدث لبعض المرضى عند بعض المعالجين بالقرآن.
ورغم خطأ نظرية ميسمر في تفسير سبب شفاء المرضى إلا أنه قد أوضح بجلاء دور العلاقة بين المعالج والمريض في حدوث الشفاء. ولقد اختلفت وجهات النظر حول الطريقة الميسمرية في العلاج، كما لوحظت بعض السلوكيات المنافية للحشمة التي كان يمارسها ميسمر أثناء العلاج حيث كانت طريقته العلاجية تستدعي لمس أجساد المرضى والذين يكونون أحياناً من النساء (مجرد ملامسة للكتف أو الرأس، لكن ذلك لم يكن مقبولاً على الإطلاق في أوروبا في تلك الفترة من الزمن)!!.
ولذلك فلقد استدعى الأمر أن تكلف الحكومة الفرنسية في عام 1784م مجموعة من العلماء للنظر في الطريقة الميسمرية في العلاج. ولقد قام أولئك العلماء (ومنهم أنطون لافوازيه عالم الكيمياء المشهور) بالعديد من التجارب التي لم تستطع أي منها إثبات وجود المغناطيسية الحيوانية التي يزعمها ميسمر، وإنما لاحظوا أن قناعة المرضى واعتقادهم بقدرات المعالج هي السبب الأساسي في حدوث الآثار الإيجابية للطريقة الميسمرية.
ونلاحظ في هذه الأيام أن بعض المعالجين بالقرآن – وإن كانوا قلة – يلمسون بعض المواضع من جسد المريضة – كالرأس والنحر بشكل خاص – دون وجود حاجة لذلك، كما نلاحظ في الوقت نفسه ضجر بعض المصلحين وأهل الفضل والعلم من هذا السلوك بل وتدخل بعض الحكومات في العالم الإسلامي بحزم لمنع مثل هذه التصرفات المشينة.
وعلى العموم فلقد اعترفت اللجنة العلمية بالأثر الفعال للطريقة الميسمرية في العلاج، لكنها رفضت تماماً النظرية التي يفسر بها ميسمر حدوث ذلك الشفاء، بل واعتبرت ما يمارسه إنما هو نوع من الدجل والشعوذة، وذلك لأن دور الإيحاء أو أي أسباب نفسية أخرى في شفاء الأمراض لم تكن مقبولة علمياً، حيث أن العلم آنذاك لم يكن يقبل سوى الأسباب المادية لتفسير الأمراض والعلل على عكس كثير من أفراد المجتمع الذين يميلون للإيمان بتطرف بالأمور الغيبية غير المحسوسة أياً كانت. وكذلك الأمر بالنسبة لميسمر، فهو من ذلك الجيل من العلماء ولذلك فإنه لم يقدم نظريته بأن أسباباً نفسية تكمن وراء شفاء بعض الأمراض، وإنما لجأ للمغناطيس كسبب مادي يفسر به ما يشاهده.
ولعل التاريخ يعيد نفسه ثانية فنجد أن كثيراً من المثقفين في دول العالم الثالث يقبلون الأسباب المادية فقط لتفسير الظواهر التي يواجهونها وهو أمر يحتاج إعادة نظر، في حين أنه على النقيض من ذلك تغرق شعوبهم في الإيمان بالخرافات والأساطير، وكذلك ببعض الغيبيات مما لم يأمر به الدين وترفضه الفطرة السليمة.
ورغم إيماني بخطأ ميسمر في تفسير مشاهداته إلا أن قرار اللجنة العلمية بأن عمل ميسمر يقوم على مجموعة من التخيلات، ولذلك فلا داعي لإجراء المزيد من الأبحاث حوله هو خطأ أيضاً، وذلك لأن تلك اللجنة العلمية قد تجاهلت ما اعترفت به سلفاً من شفاء الكثير من مرضى ميسمر، وما كان قرارهم ذلك لشيء إلا لأن نظرية ميسمر التي يفسر بها شفاء مرضاه لم تكن صحيحة. ولعلنا نستنج من ذلك أن حدوث نتائج إيجابية عند استخدام طريقة علاجية معينة ليست بالضرورة دليلاً على صحة النظرية التي يفسر بها مستخدم تلك الطريقة العلاجية سبب حدوث ذلك الشفاء. وكذلك الأمر بالنسبة للمعالجين بالقرآن فعندما يتحسن مريض عند علاجه بالضرب فليس بالضرورة أن يكونه تفسير الراقي (المعالج بالقرآن) صحيحاً بأن المريض كان متلبساً بجني خرج بسبب الضرب. وكذلك أيضاً عندما يتحسن مريض عند العلاج بالقرآن فليس بالضرورة أن يكون تفسير الراقي صحيحاً بأن المريض كان مسحوراً أو مصاباً بالعين – وإن كان ذلك أمراً ممكناً، وإنما قد يكون به أية علة أراد الله أن يكون شفاؤها بالقرآن.
ولعل الحال التي نمر بها هذه الأيام حول استخدام القرآن في العلاج تذكرنا بحال الناس واختلافهم بشأن العلاج بالمغناطيس زمن ميسمر رغم اختلاف المنبع، فالعلاج بالقرآن توجيه رباني والعلاج بالمغناطيس نتاج بشري، ولذلك فيجب على الرقاة – في نطري- أن لا يقعوا في مثل ما اخطأ فيه ميسمر في ضرورة تقديم سبب محدد لحدوث الشفاء وتفسير ما حدث للمريض بأن ما كان به هو سحر أو عين حاسدة أو جن وينافحوا عن ذلك، لأن الناس قد يختلط عليهم الأمر فيرفضون العلاج بالقرآن (وهو علاج صحيح) بسبب عدم قناعتهم بالتفسير المقدم من لدن المعالجين بالقرآن لتعليل حدوث ذلك الأثر (وهو تفسير قابل للخطأ والصواب).
وفي المقابل أيضاً يجب أن لا يقع المصلحون وأولو الأمر في البلاد الإسلامية بمثل ما أخطأت به اللجنة العلمية والحكومة الفرنسية زمن ميسمر فيرفضون العلاج بالقرآن لسبب أو لآخر كتجاوزات بعض الرقاة وأخطاء البعض الآخر منهم مهما بلغت، إذ على ولاة الأمر أن يعتبروا أصل المنهج العلاجي (وهو علاج صحيح) ويضعوا لجاناً متخصصة لا لتكفير أو تجريم الرقاة فحسب كما هو حاصل، وإنما لمحاولة تقديم العلاج بالقرآن في خطوات عملية مؤصلة بضوابط الشرع ومدركة لمدى الحاجة الشديدة لدى الناس لمثل هذا اللون من العلاج.
ولقد أدى انتشار تقرير اللجنة العلمية حول الطريقة الميسمرية إلى تدني سمعة ميسمر بين الناس مما اضطره إلى مغادرة باريس ليموت فقيراً معدماً في سويسرا عام 1815م.
ولقد كانت الخطوة الأكثر تميزاً في تاريخ التنويم المغناطيسي في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي على يد الجراح الاسكتلندي جيمس برئيد الذي لاحظ أن العامل الفعال في الطريقة الميسمرية يكمن في تركيز انتابه المريض على أمر محدد (Monoideism) يؤدي بدوره إلى حدوث حالة من النعاس. ولقد أطلق جيمس برئيد على طريقته الجديدة مصطلح التنويم (Hypnosis) اشتقاقاً من كلمة إغريقية تعني النوم، وبذلك يكون جيمس برئيد هو أول من استخدم مصطلح التنويم لهذه الطريقة العلاجية التي يمكنه من خلالها إحداث حالة من النعاس يغلق فيها المريض عينيه وتسترخي عضلاته ويكون فيها قابلاً للإيحاء بدرجة كبيرة. بالإضافة إلى ذلك فلقد حقق جيمس برئيد نتائج إيجابية تماثل نتائج ميسمر لكنه تميز عنه بعدم إصابة مرضاه أثناء الجلسات العلاجية بنوبات الهياج والصرع الهستيري التي كانت تنتاب مرضى ميسمر.
وبعد فترة من الركود – بعد عهد ميسمر- امتدت نحو قرن عاد العلاج بالتنويم ليحتل مكانته من جديد في فرنسا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي على يد طبيب الأعصاب الفرنسي جين مارتين شاركوت (Jean Martin Charcot) الذي استطاع أن يميز بين الشلل الهستيري والشلل الناتج عن خلل الأعصاب. ولقد كان جين مارتين شاركوت مهتماً بدراسة تأثير المعادن على الأمراض وكذلك بالعلاج بالتنويم كما كان يعتقد أن اضطراب الهستيريا يحدث بسبب اختلال مرضي في جسم الإنسان، وأن العلاج بالتنويم يؤدي إلى حدوث تغييرات فسيولوجية لدى المريض.
ولقد أدى تفسير هذه الظاهرة بأسباب عضوية إلى استعادة العلاج بالتنويم لمكانته بشيء من الاحترام والتقدير !!. لكن ذلك الاعتقاد لم يدم طويلاً، حيث قدّم أستاذ في الطب الباطني كان معاصراً لجين مارتين شاركوت اسمه هيبولايت بيرنهيم (Hippolyte Bernheim ) فرضيته بأنه ليست هنالك أية عوامل عضوية تكمن في العلاج بالتنويم، وإنما هو استجابة نفسية للإيحاء. كما استطاع أيضاً أن يحقق النتائج التي حققها أسلافه من خلال الإيحاء فقط دون الحاجة إلى تنويم المريض الذي لم يكن يراه ضرورياً لحدوث الأثر الفعال للعلاج.
وبذلك يتبين لنا أن الأزمة الميسمرية (النيمية) وطرقة جيمس برئيد في العلاج بواسطة التنويم وكذلك اعتقاد شاركوت بالتغيرات الفسيولوجية التي تحدث للمريض عند العلاج بالتنويم إنما ترتبط بشكل خاص بتوقعات المعالج والمريض والتي نبعت أساساً من البيئة الاجتماعية التي عاصروها ومن الظواهر التي شاهدوها.
وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي أضاف الطبيب النمساوي سيجموند فرويد (1856 – 1939م) أسلوباً جديداً للعلاج بالتنويم، حيث لم يقصره على إزالة الأعراض فقط، وإنما استخدمه أيضاً لمساعدة المريض على تذكر الأحداث الماضية التي ربما تكون هي الخلفية لما يعانيه من أعراض، وبذلك يمكنه تحديد أصل المشكلة، فيقوم باتخاذ العلاج المناسب لها. ولقد نجح سيجموند فرويد في ذلك نجاحاً ملحوظاً، وتبعه في ذلك مجموعة من المتخصصين.
ولم يفقد العلاج بالتنويم مكانته بعد ذلك، فلقد عاد الاهتمام به ثانية أثناء الحربين العالميتين لعلاج تلك الأعراض العصابية التي أصابت بعضاً من الناس.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية قام العلماء بإجراء بعض الدراسات التي تميزت بمنهجيتها وإعادة تقييم الاعتقادات والظواهر السابقة وتطوير تقنيات أفضل لتقييم مستوى الاستجابة لهذا النوع من العلاج، وما يزال العلم يأتي لنا كل يوم بأمر جديد.
ومن الجدير ذكره أيضاً أن كثيراً من المصادر العربية مازالت تطلق على هذه الطريقة العلاجية مصطلح التنويم المغناطيسي. وفي الحقيقة إنه من الأصوب – في رأيي – حذف كلمة المغناطيس من المصطلح واستبدالها بما هو مناسب مما يتفق عليه المتخصصون.
ولعل من يقرأ كلام الإمام ابن القيم – رحمه الله – يدرك أنه قد سبق من أسلفنا ذكرهم في الحديث عن دور قوة النفس عند المريض والمعالج في شفاء بعض العلل والأسقام، بل وقد تميز عنهم بأنه قد ربطه بصدق التوجه إلى الله وإقبال الروح إلى فاطرها وهو ما يمكن تسميته (بقوة الروح) وهي صدق الإيمان، وبذلك يكون ابن القيم – رحمه الله – قد جمع للمريض بين قوة النفس وقوة الروح يقول ابن القيم – رحمه الله- وقد عُلم أن الأرواح متى قويت (قوة الروح) وقويت النفس والطبيعة (قوة النفس) تعاونا على دفع الداء وقهره فكيف يُنْكَرُ لمن قويت طبيعته ونفسه وفرحت بقربها من بارئها وأنسها به وحبها له وتنعمها بذكره وانصراف قواها كلها إليه وجمعها عليه واستعانتها به وتوكلها عليه أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية وتوجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس وأعظمهم حجاباً وأكثفهم نفساً وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية.
يتبع........