تابع حقيقه سن الياس
الجيل النسائي الأكثر تعلما في تاريخ البشرية، فلا تزال سن اليأس غامضة بالنسبة إلي معظمنا. فنحن لا نعرف الكثير عن تأثيرات تغير مستويات الهرمونات علي أدمغتنا وعظامنا وقلوبنا ومقاومتنا للكثير من الأمراض وعما يجب علينا القيام به إزاء ذلك. وفيما يقدم العلم معلومات جديدة عن صحة النساء، تسلط الأضواء علي سن اليأس وهذا برأينا نتيجة ثقافة انفتاح مواليد ما بعد الحرب، وازدياد التوعية بشأن أهمية الصحة الجيدة في كل مراحل الحياة. فتجاهل سن اليأس علي أمل أن تتلاشي أعراضها من تلقاء نفسها لن يسهل المرحلة الانتقالية. في الحقيقة، تشير الأبحاث إلي أن النساء اللواتي يعرفن ما يجب أن يتوقعن، يتخطين سنوات منتصف الحياة بسهولة أكبر.
عندما كانت مولودات ما بعد الحرب دون الثالثة من أعمارهن، كانت سن اليأس تعتبر نهاية السنوات الحيوية بالنسبة إلي المرأة. لكن العلماء يفهمون الآن أنها فترة مفصلية مهمة، وما تفعله المرأة خلال سن اليأس قد يغير حياتها علي الصعيدين الجسدي والعاطفي طوال سنوات.
إن النساء اللواتي يتخذن قرارات ذكية في سن اليأس يملن إلي العيش حياة أطول وأكثر صحة. فزيادة النشاط الجسدي، علي سبيل المثال، يمكن أن تقوي عظامك وتحميك من مرض القلب وترفع معنوياتك وتحد من الهبات الساخنة، وقد تقلل أيضا من احتمالات إصابتك بالخرف. يمكنك البدء تدريجيا، مضيفة 10 دقائق من المشي إلي نشاطاتك اليومية، أو يمكنك صعود الأدراج بدلا من استقلال المصعد أو بدء النهار بهرولة خفيفة في الحي. فكل هذه التغييرات الصغيرة تصبح كبيرة مع تراكمها بمرور الوقت. نحن نعرف الكثير من النساء اللواتي بدأن ببضع خطوات إضافية ويركضن الآن مسافة أميال. لذا من المهم المثابرة وعدم الاستسلام.
إن تعلم المزيد عن سن اليأس سيساعدك علي تقييم بعض الخيارات المتعلقة بصحتك التي يجب عليك اتخاذها. لا أجوبة واضحة للكثير من الأسئلة لأن ما ينطبق علي شخص ما قد لا ينطبق علي شخص آخر. عليك الاطلاع علي التفاصيل كي تكوني شريكة فعالة مع طبيبك في اتخاذ القرار المناسب لك. وهذا ينطبق بالأخص علي العلاجات الهرمونية في سن اليأس، وهي موضع جدال حاد في الأوساط الطبية وبين النساء أنفسهن.
قبل عقد من الزمن، كان يتم تشجيع النساء علي تناول الهرمونات لحماية أنفسهن من مرض القلب وإبقاء أدمغتهن يقظة وعظامهن قوية. لكن كل ذلك تغير عام 2002، عندما أوقفت معاهد الصحة القومية فجأة دراسة كبيرة عن العلاج الهرموني بعنوان مبادرة الصحة النسائية. فقد أظهرت النتائج الأولية أن النساء اللواتي يتناولن الإستروجين والبروجستين أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي والجلطات الدماغية والتخثرات الدموية والنوبات القلبية. وقد صدم هذا الخبر ملايين النساء اللواتي كن يتناولن الهرمونات.
بعد نتائج مبادرة الصحة النسائية، تراجعت نسبة استعمال الهرمونات إلي حد كبير. وفقدت النساء ثقتهن بالطب التقليدي، ولجأن إلي علاجات طبيعية لأعراض سن اليأس. لكن سلامة الكثير من تلك العلاجات البديلة وفعاليتها لم تدرس عن كثب. وبالتالي، يجب الافتراض أنها تنطوي علي مخاطر توازي مخاطر العلاجات الهرمونية التي وافقت عليها إدارة الأغذية والعقاقير. وهنا نلفت انتباه النساء اللواتي ما زلن يتبعن العلاجات الهرمونية التقليدية إلي نتائج دراسة حديثة أظهرت ترابطا بين انخفاض نسبة تناول الهرمونات والتراجع غير المتوقع في معدلات سرطان الثدي، وأثارت المزيد من الأسئلة عن تلك الأدوية. وعليهن ألا يتوقعن أجوبة واضحة عما قريب. لا يزال الباحثون يجهلون الكثير عن الهرمونات، بما في ذلك منافعها المحتملة ومخاطرها بالنسبة إلي كل امرأة.
بعض الأطباء ما زالوا يعتقدون أن العلماء سيثبتون ذات يوم أن الإستروجين (أو نسخة اصطناعية منه) هو فعلا إكسير الشباب. لكن في الوقت الحاضر، قلة منهم يرون أن الهرمونات يجب أن تكون أول علاج تجربه النساء اللواتي في سن اليأس للتخفيف من الأعراض (ربما باستثناء اللواتي يبلغن سن اليأس قبل ال51 من العمر بكثير). بدلا من ذلك، يقول الأطباء إن النساء يجب أن يبذلن قصاري جهودهن لتفادي الأدوية من خلال إحداث تغييرات في نمط حياتهن ثبت أنها تساعدهن مثل زيادة النشاط الجسدي، والحد من الإجهاد النفسي، وتخفيض الوزن، والإقلاع عن التدخين. إن اخترت الهرمونات، ننصحك بأخذ أقل جرعة فعالة ممكنة لأقصر فترة ممكنة.
إذا كنت مثل معظم النساء، فلعلك أمضيت معظم حياتك حتي الآن في التركيز علي الأشخاص الذين يحتاجون إليك، مثل زوجك أو شريكك، وأولادك، ووالديك المتقدمين في السن، وأصدقائك، وزملائك في العمل. لكن لديك لائحة بالأمور التي تريدين إنجازها لإرضاء نفسك، مثل تعلم لغة جديدة أو بدء مهنة جديدة. فمهما كانت أهدافك، فقد أجلتها إلي الغد علي الأرجح. ما الذي تعلمناه من تقاريرنا الصحافية عن سنوات منتصف الحياة؟ إن الغد هو حاضرنا الآن. تابعي القراءة للحصول علي أجوبة عن بعض أهم المسائل الصحية التي ستواجهينها.
النساء ومراحل سن اليأس؟
أتذكرين عندما كنت في سن ال13 وكانت صديقاتك يتذمرن لك من آلام الحيض؟ لعلك أدركت في تلك الفترة أن الدورات الشهرية مختلفة باختلاف النساء. دورات البعض كانت منتظمة منذ البداية، في حين أن دورات البعض الآخر كانت متقلبة جدا لدرجة أنه لم يكن بوسعهن معرفة متي ستفاجئهن صديقتهن . وكانت فتيات أخريات يتناولن الأسبرين بانتظام للتخفيف من التشنجات، في حين أن عددا قليلا من الفتيات كن ينزعجن كثيرا من الأعراض السابقة للحيض فيصبح مزاجهن عكرا طوال أسبوع من كل شهر. إن سن اليأس، من بعض النواحي، هي عودة إلي الماضي: الكثير من التجارب نفسها، مع تغييرات كثيرة بحسب الأفراد.
ويبدأ انقطاع الطمث الطبيعي، كما يوحي اسمه، من دون تدخلك لهذا يوصف أحيانا بأنه تلقائي . قد تظهر مؤشرات عما ينتظرك قبل 10 سنوات أو أكثر من انقطاع الطمث. فدوراتك الشهرية قد تصبح أقصر أو أكثر تقاربا مع إنتاج الجريبات (أكياس البويضات) في مبيضيك كمية أقل من البروجسترون.
(هذا يقصر فترة تكثف بطانة الرحم استعدادا لاستقبال بويضة مخصبة). ومع مرور الوقت، يتراجع عدد جريباتك ونوعيتها لدرجة أن نسبة الإستروجين تصبح غير كافية لحث الإباضة كل شهر. عند ذلك، تصبح دوراتك الشهرية أكثر تقلبا. بعض النساء يواجهن مشاكل مثل الهبات الساخنة أو التعرق ليلا، أو الأرق، أو قلة التزليق المهبلي عند الإثارة الجنسية، أو التقلبات المزاجية مع تقلب مستويات هرموناتهن. قد تمر بضعة أشهر من دون طمث، ومن ثم يعود مجددا. أو قد تبقي دوراتك الشهرية طبيعية إلي أن تتوقف فجأة بشكل نهائي. ولن تعرفي أنك بلغت سن اليأس إلي أن تمر سنة من دون طمث. ويعتبر الأمر طبيعيا إذا حصل بين سن ال40 وال 58، مع أن المعدل في البلدان الصناعية هو 51.4 سنة. وموعد حصول ذلك بالتحديد هو نتيجة العوامل الوراثية ونمط الحياة.
غير أن انقطاع الطمث لا يحدث دائما بشكل طبيعي. فانقطاع الطمث المحرض يأتي نتيجة تدخل خارجي مثل المعالجة الكيميائية أو الإشعاعات الحوضية. أما النوع الأكثر شيوعا من انقطاع الطمث المحرض فإنه يحصل بعد استئصال كلا المبيضين جراحيا. ونتيجة لذلك، يختفي المصدر الأساسي للإستروجين الطبيعي في جسمك فورا. هذا الانخفاض المفاجئ في الهرمونات يزيد احتمالات معاناتك من أعراض أكثر حدة لانقطاع الطمث مثل الهبات الساخنة ومشاكل في الذاكرة الكلامية. وانقطاع الطمث السابق لأوانه (أو المبكر) هو أي نوع من انقطاع الطمث (التلقائي أو المحرض) يحصل قبل سن ال40، (عادة، يحصل انقطاع الطمث السابق لأوانه بين سن ال27 و30). ومع أنه نادر، فإن انقطاع الطمث المبكر يجعل المرأة أكثر عرضة لهشاشة العظام وأمراض القلب.
الهبات الساخنة
أكثر من ثلاثة أرباع النساء يعانين الهبات الساخنة خلال المرحلة الانتقالية قبل انقطاع الطمث. هذا يعني، طبعا، أن أقلية محظوظة من النساء لا يعانينها. سؤالنا هو: من هن تلك النساء، وأين يختبئن؟
فكل امرأة نعرفها عرفت الشعور البغيض بالحر المفاجئ أكثر من مرة، وغالبا في وضع محرج: وسط محادثة، أو خلال تعريفها إلي شخص جديد، أو عند استعجالها لإكمال عملها في المهلة المحددة. تسري الهبة الساخنة من صدرك إلي وجهك. بعض النساء تحمر وجوههن والكثير منهن قد يشعرن بتسارع في نبض قلوبهن وينتابهن القلق. قد يحصل ذلك بضع مرات يوميا أو ربما كل ساعة. ليس هناك قاعدة معينة. قد تشعرين وكأنك تحترقين، لكن حرارة جسمك الداخلية لا تتغير. ما يرتفع هو حرارة بشرتك، ويمكن أن ترتفع سبع درجات فهرنهايت، لكنها عادة ترتفع ما بين درجة وأربع درجات. وغالبا ما تعود الحرارة لتنخفض في غضون بضع دقائق، غير أن بعض النساء يعانين هبات ساخنة قد تدوم نصف ساعة. (أترين؟ يمكن أن تكون أسوأ!) لكن عموما